بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــــــــــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد .
الحمد لله الذي وهب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القدرات والمعجزات والحكمة والسيرة الحسنة ، وسخر له ما في السموات والأرض ليؤدي الرسالة وينشر الإسلام والسلام ويوحد الألوية لله الواحد الأحد .
لقد تم جمع وتنظيم هذا الملخص عن القائد الإسلامي القعقاع من قبيلة بني تميم الذي يعتبر من أقوى وأشجع قائدي الجيوش الإسلامية .
تضمن معلومات مختصرة عنه وعن بعض مشاركاته
أتقدم بالشكر والتقدير على تعاون الجميع في عملية نقل المعلومات
والله ولي التوفيق .
سيرة القائد الإسلامي التميمي
القائد الفارس الشاعر / القعقاع بن عمرو بن مالك التميمي :
جده : تميم بن مـر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معـد بن عدنان من ذرية نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل .
الميلاد :
سنة 636م الجزيرة العربية (نجد)
الوفاة :
الكوفة – العراق
سـيرته :
قائد وفارس وشاعر : مسلم وبطل عربي مشهور شهد حروب الردة والفتوحات الإسلامية وأبلى بلاء عظيم في معركة القادسية واليرموك وغيرهما من معارك المسلمين ظهرت ملامح شخصيته بوضوح شديد في الفتوحات فقد كان شجاعاً مقداماً ثابتاً في أرض المعارك وبجوار شجاعته وشدة بأسه على الأعداء كان شديد الذكاء وذا حنكة عسكرية في إدارة المعارك وظهر ذلك في معركة القادسية ولا يختلف المؤرخون على فروسيته .
له حديث صحيح مع الرسول (صلىالله عليه وسلم) قال : الرسول (صلىالله عليه وسلم) (للقعقاع) ماذاأعددت للحرب قال : (طاعة الله) و (رسوله) قال : الرسول (صلى الله عليه وسلم) وما عن تلك (يقصد خيله) قال : (تلك هي الغاية) (القعقاع) شرف لتميم وأفعال القعقاع رضي الله عنه أشبه بالأسطورة لكنها حقيقة يوجد كتاب أسمه ( القعقاع فارس تميم ) .
❖ مشاركته في حروب الردة:
المعارك التي خاضها المسلمون مع المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
كان للقعقاع بن عمرو رضي الله عنه دور كبير في حروب الردة فقد أرسله أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأغارة على علقمة بن علاثة العامري ، وكان أسلم ثم ارتد عن الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاة الرسول عسكر علقمة في بني كعب يريد غزو المدينة المنورة فبلغ ذلك الصّديق فبعث إليه سرية بقيادة : القعقاع بن عمرو ويقال القعقاع بن سور وقال له : يا قعقاع سر حتى تغير على (علقمة بن علاثة) لعلك أن تأخذه لي أو تقتله واعلم أن شفاء الشق الحوص فاصنع ما عندك
فخرج (القعقاع) على رأس هذه السرية وكان (علقمة) مستعدا دائما وعندما أقبلت عليه سرية القعقاع على الماء الذي ينزله (علقمة) هرب على فرسه ولم يستطع أحد اللحاق به فأخذ (القعقاع) أهله وولده وقدم بهم على (أبي بكر الصديق) رضي الله عليه في المدينة وأنكر أهل (علقمة) وولده أنهم على حاله في الردة وقالوا : لأبي بكر ما ذنبنا فيما صنع (علقمة) فقبل منهم وأرسلهم وقد أسلم (علقمة) بعد ذلك فقبل منه أبو بكر الصديق إسلامه وعفا عنه .
وقال : القعقاع بن عمرو التميمي يذكر معركة بزاخة :
بهذه الأبيات :
وَافلتهُنَّ المُسحَلانِ وَقَد رَأى
بِعَينَيهِ نَقعاً ساطِعاً قَد تَكَوثَرا
وَيَوماً عَلى ماءِ البَزاخَةِ خالِدٌ
أَثارَ بِها في هَبوَةِ المَوتِ عِثيَرا
وَمَثَّلَ في حافاتِها كُلَّ مَثلَةٍ
كَفِعلِ كِلابٍ هارَشَت ثُمَّ شَمَّرا
❖ الفتوحات الإسلامية في العراق :
بعد أن انتهى خالد بن الوليد رضي الله عنه من قتال مسيلمة الكذاب أتاه كتاب أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) يأمره بالتوجه إلى العراق وبعد وصول الرسالة قرأها خالد على جنده فرجع أكثر الجيش ولم يبقَ معه إلى القليل فطلب خالد المدد من أبي بكر فأمده برجل واحد وهو (القعقاع بن عمرو) فتعجب الصحابة من ذلك وقالوا لأبي بكر : أتمد رجلاً قد انفض عنه جنوده برجل واحد فقال لهم : (لا يهزم جيش فيه مثل هذا) . وفي رواية أخرى (صوت القعقاع بن عمرو في الجيش خير من ألف رجل) .
❖ معركة الأبلة أو ذات السلاسل سنة 12 هـ
تعتبر بداية معارك المسلمين في العراق سار خالد بن الوليد ومعه المدد الذي أرسله له أبو بكر الصديق وهو القعقاع بن عمرو وانضم لهم المثنى بن حارثة الشيباني فكان مجموع الجيش ثمانية عشر ألف مقاتل فأرسل خالد رسالة إلى هرمز يدعوه فيها إلى الإسلام أو الجزية أو القتال فلما قدم الكتاب على هرمز جمع جموع جيشهم وخرج مسرعا بهم إلى كاظمة وكان هرمز قد اتفق مع بعض جنوده على الغدر بخالد وقتله عند المبارزة ليكسر شوكة المسلمين فخرج إليه خالد وهجم على هرمز واحتضنه وفي تلك اللحظة خرجت المجموعة الفارسية التي اتفق معهم هرمز وهجموا على خالد وهو مشتبك مع هرمز وأحاطوا به من كل جانب فخرج إليهم القعقاع بسرعة كبيرة وحسن تقدير وأزاح هذه الحامية عن خالد بن الوليد وكان خروج (القعقاع) إيذانا ببدء القتال بين الطرفين ولم يجد المسلمون صعوبة في التغلب على الجيش الفارسي الذي تحطمت نفسيته بمقتل قائدهم هرمز .
الفتح الإسلامي لفارس
بلاد الرافدين (العراق)
النهر – الولجة – أليس – الحيرة – الأنبار – عين التمر – الحُصيد– المضيح – الثني –الزميل – الفراض– بابل – الأولى – النمارق – كسكر – الجسر – البويب – القادسية – بورسيبا – بابل – الثانية – المدائن – جل – ولاء – خوزستان – الأهواز – السوسر –امهرمز – شوشتر – جنديس – ابور – .
❖ وسط بلاد فارس :
نهاوند – همذان –أصفهان – واج – روذ الري -…
❖ شمال بلاد فارس :
طبرستان – أذربيجان – القوقاز –طبرستان – ألبانيا – القوقازية –أيبيريا -.
❖ جنوب بلاد فارس :
بيشا بور – دارابجرد – إصطخرالأولى –جور – إصطخر الثانية –مكران – كرمان – سيرجان – قشم – سجستان –زرنج – خراسان – نهر جيحون – نيسا بور –هراة – بادغيس ) .
❖ فتح الحيرة :
معركة الحيرة :
(القعقاع) مع الجيش المحارب للحيرة وشهد فتحها بعدها قرر خالد الخروج للأنبار وكان فيها حامية فارسية واستخلف القعقاع بن عمرو على الحيرة وقد كان موضع ثقة لخالد بن الوليد فخرج خالد إلى الأنبار وعين التمر وأستطاع فتحهما ثم توجه إلى دومة الجندل مدد لعياض بن غنم فطمع الفرس بالإغارة على المسلمين.
❖ معركة الحصيد سنة 13هـ
شارك (القعقاع) في معركة الحصيد وكان قائد المسلمين في هذه المعركة وأوقع بالفرس وقتل روزمهر وروزبه قادة الفرس ومن معهم من تغلب وربيعة وقال : (القعقاع) بعد هذه الوقعة :
هذه الأبيات :
أَلَم يَنهَ عَنّا حَيُّ فارِسٍ إِنَّنا
مَنَعناهُم مِن رَبعِهِم بِالصَوارِمِ
وَإِنّا أُناسٌ قَد نُعَوِّدُ خَيلَنا
لِقاءَ الأَعادي بِالحُتوفِ الفَواطِمِ
وَروزَ قَتَلنا حَيثُ أَرجَفَ خَدُّهُ
وَكُلُّ رَئيسٍ رازَنا بِالعَظائِمِ
تَرَكنا حَصيداً لا أَنيسَ يجره
وَقَد شَفِيَت أَربابُهُ بِالأَعاجِمِ
أَلا أَبلِغا أَسماءَ أَنَّ حَلِيلها
قَضى وَطَرا مِن رَوزَبِيِّ الأَعاجِمِ
غَداةَ صَبَحنا في حَصيدٍ جُموعَهُم
بِهِندِيَّةٍ تَفري فِراخَ الجَماجِمِ
وَروزَ أَصابَت بِالمَنايا فَأَوجَعَت
سُيوفُ بَني عَمرٍو بِإِحدى العَظائِمِ
❖ معركة المصيخ :
وصلت أخبار انتصار المسلمين إلى خالد بن الوليد في معركة الحصيد وكان في عين التمر فرأى خالد المسير إلى المصيخ لملاقاة الهذيل بن عمران التغلبي ومن معه من نصارى العرب وكان قد اتفق خالد مع أربعة من قادته أن يسيروا إلى المصيخ ويلتقون هناك وكان أحدهم (القعقاع) فلما وصلوا جميعا أغاروعلى الهذيل ومن معه من ثلاث جهات وقتلوا منهم خلقا كثيرا واستطاع الهذيل الهرب بنفر قليل وقد وصف (القعقاع) هذه الغارة مفتخرا بما حققه المسلمون من انتصار كبير .
بهذه الأبيات :
سائل بنا يوم المصيّخ تغلبا
وهل عالم شيئا وآخر جاهل
طرقناهم فيه طروقا فأصبحوا
أحاديث في أفناء تلك القبائل
وفيهم إياد والنمور وكلهم
أصاخ لما قد عزّهم للزلازل
❖ معركة الفراض :
توجه خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين وعلى رأسهم (القعقاع) إلى الفراض وهي على الحدود بين الفرس والروم لقتال من تجمع فيها من الفرس والروم ونصارى العرب واستطاع المسلمون الانتصار عليهم وقتل أعداد كبيرة منهم . وقال : (القعقاع) يصف موقعة الفراض :
بهذه الأبيات :
لَقينا بالفِراض جموعَ رُومٍ
وفُرس غَمّها طولُ الَسلام
أبَدْنا جَمعَهُم لَما التَقينا
وبَيَتّنا بجمع بني رزام
فما فـتـئت جنودُ السلم حتى
رأينا القوم كالغنم الَسّوام
❖ معركة القادسية :
ودور القعقاع بن عمرو :
في معركة القادسية دور كبير وبارز وابتكر خططا حربية كان لها أثر في هزيمة الفرس فقد قدم (القعقاع) على المسلمين من الشام في اليوم الثاني من أيام القادسية وهو يوم أغواث وعمد عند وصوله إلى تقسيم جيشه إلى أعشار لإيهام الفرس أن جموع كثيرة وصلت معه فكان هذا كفيل بتحطيم عزائم الجيش الفارسي .
يقول ابن عبد البر كان (للقعقاع) وأخيه (عاصم) البلاء الجميل والمقامات المحمودة في القادسية .
ويقول ابن عساكر كان (القعقاع) هو الذي فتح على الناس ورمى مشافر الفيلة الفارسية يوم القادسية فلما خرقها ارتعدت
ويقول ابن الأثير : (للقعقاع) أثر عظيم في قتال الفرس في القادسية وغيرها وكان من أشجع الناس وأعظمهم بلاء) .
أما الأبشيهي فيقول : (القعقاع) طاعن الفيل في عشية القادسية رضي الله عنه .
ويقول ابن حجر : (للقعقاع) في قتال الفرس بالقادسية وغيرها بلاء عظيم .
❖ يوم أغواث :
اليوم الثاني من أيام معركة القادسية وفي هذا اليوم تجلت بطولة (القعقاع) بعد وصوله أرض المعركة فبينما كان المسلمون مستعدين لقتال عدوهم طلعت عليهم نواصي الخيل القادمة من الشام والتي كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بصرفها من الشام إلى العراق وكانت تقدر بستة آلاف مقاتل بقيادة هاشم بن عتبة وعلى مقدمتهم (القعقاع) وقد أحس (القعقاع) بحاجة جند المسلمين في القادسية إلى المدد فتعجل هو ومن معه وعددهم ألف فارس فطووا المسافة قبل عامة الجيش فوصل ورجاله في الوقت المناسب في صباح يوم أغواث فكانت بداية حسنة وجيدة للمسلمين استبشروا بها خيرا ورفعت معنوياتهم بعد يوم متعب وصعب وهو يوم أرماث وقد عمد (القعقاع) إلى أسلوب تكتيكي رائع قبل وصوله واخترع شكلا من أشكال الفن العسكري في المعارك حيث قسم (القعقاع) فرسانه الألف إلى عشرة أقسام وعهد إليهم أن يتوافدوا إلى أرض المعركة كل عشرة على حده كمجموعة وأن لا تتحرك المجموعة الأخرى حتى تصل الأولى فتقدم (القعقاع) على رأس العشرة الأولى ووصل إلى المسلمين وسلم عليهم وبشرهم بقدوم المدد من الشام وقال لهم : يا أيها الناس أني قد جئتكم في قوم والله لو كانوا مكانكم ثم أحسوكم حسدوكم حظوتها وحاولوا أن يطيروا بها دونكم فإصنعوا كما أصنع . ورغم صعوبة السفر وعنائه لم يخلد (القعقاع) للراحة بل توجه إلى ميدان القتال مناديا : من يبارز وكان فرسان الفرس على معرفة تامة (بالقعقاع) من حروبهم السابقة وأنه فارس لايشق له غبار مرهوب الجانب في المعارك فترددوا في الخروج إليه فاضطر أشجع فارس فيهم إلى الخروج إليه وهو بهمن جاذويه فقال له القعقاع : من أنت فقال : أنا بهمن جاذوية وعندها تذكر (القعقاع) ما أصاب المسلمين في موقعة الجسر على يد هذا القائد ومقتل أبو عبيد الثقفي وألاف المسلمين فثار الدم في جسمه ورأى أنها الفرصة المناسبة للأخذ بثأر المسلمين فصاح (القعقاع) في وجه بهمن جاذوية يألثارات أبو عبيد وسليط وأصحاب الجسر وهجم (القعقاع) على بهمن جاذوية وقتله وسر المسلمون بمقتله ووهنت الفرس فكانت هذه بداية حسنة للمسلمين وبداية سيئة للفرس في هذا اليوم وخرج (القعقاع) مرة أخرى يطلب المبارزة فخرج له فارسان من الفرس وهما البندوان والبيرزان وانضم (للقعقاع) (الحارث بن ظبيان) فبارز (القعقاع) البيرزان وقتله وقتل (الحارث) البندوان وبعدها اشتعلت المعركة وبدأ القتال العنيف وجعل (القعقاع) يشد من أزر المسلمين بخطبة حماسية فكان يقول لهم (يا معشر المسلمين باشروهم بالسيوف فإنما يحصد الناس بها) . ولم تشترك الفيلة في هذا اليوم لأن توابيتها تكسرت في الأمس فاستأنفوا إصلاحها في هذا ذلك اليوم فأراد (القعقاع) أن يرهب خيل الفرس كما فعلت الفيلة بالأمس بخيل المسلمين فحمل هو ورجال من بني عمه بني تميم على أبل قد برقعوها وجعل لهذه الأبل المبرقعة فرسان تحميها وحدث له ما أراد فقد نفرت منها خيل الفرس مما ساعد المسلمين على حربهم وطعانهم ولقيت الفرس في هذا اليوم أشد من مالقيه المسلمون من الفيلة بالأمس وظهر النصر في يوم أغواث للمسلمين بفضل الله عز وجل ثم بفضل خطط (القعقاع) التي كانت لها الدور الأكبر في إرجاع كفة المعركة لصالح المسلمين وقد حمل (القعقاع) في هذا اليوم ثلاثين حملة على الفرس وفي كل حملة يقتل فارسا أو أكثر وجعل (القعقاع) يرتجز وقال :
هذه الأبيات :
أُزعِجُهُم عَمداً بِها إِزعاجاً
أَطعَنُ طَعناً صائِباً ثَجّاجاً
وقد قتل (القعقاع) في ذلك اليوم عظيما من عظماء قادة الفرس يقال له بزرجمهر وفيه يقول (القعقاع) :
هذه الأبيات :
حبوته جيلشه بالنفس
هدارة مثل شعاع الشمس
في يوم أغواث فليل الفرس
أنخس بالقوم أشد النخس
واستمر القتال بين الفريقين حتى منتصف الليل وكانت ليلة أغواث تسمى ليلة السواد ورجع الجيشان إلى مواقعهم بعد أن رجحت كفة المسلمين في يوم أغواث ومما قاله (القعقاع) في هذا اليوم :
هذه الأبيات :
لم تعرف الخيل العراب سواءنا
عشية أغواث بجنب القوادس
عشية رحنا بالرماح كأنها
على القوم ألوان الطيور الرسارس
❖ يوم عَمَاس :
أشرقت شمس اليوم الثالث والمسلمون والفرس في مواقعهم على استعداد كامل لبدء يوم ثالث في القتال ورأى (القعقاع) أن يبدأ هذا اليوم بعمل يرفع فيه شأن المسلمين لأنه خشي أن لايتمكن (هاشم بن عتبة) والجيش الذي معه من الوصول في هذا اليوم فبات القعقاع يسرب أصحابه الألف الذين جاءوا معه، إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس قائلاً لهم : إذا طلعت الشمس فاقبلوا كل مجموعة مئة كلما توارت مئة تبعتها المئة الأخرى فإذا جاء (هاشم بن عتبة) بمن معه من الجيش فذاك هو المراد وإلا جددتم على الناس رجائهم . وبدأ القتال في يوم عماس بين الجيشان بالمبارزة والضرب والطعان وبدأ أصحاب (القعقاع) بالتوافد إلى ميدان القتال فلما رأهم (القعقاع) كبر وكبر معه المسلمون وقالوا جاء المدد وكلما طلعت مئة عليهم كبر (القعقاع) وكبر معه المسلمون فزاد ذلك من عزيمتهم وشدتهم على عدوهم وعندما أوشكت المئة الأخيرة أن تتحرك طلع عليهم (هاشم بن عتبة) على مقدمة الجيش ومعه سبعمائة فارس قادمين من الشام فأخبروه بما صنع (القعقاع) فاستحسن ذلك ورأى أن يسير على نفس خطة (القعقاع) فقسم جيشه إلى كتائب كل كتيبة بنحو سبعين فارسا وأمرهم أن يقدموا على ميدان القتال فوجا بعد فوج وخرج (هاشم) على مقدمة جيشه حتى وصل إلى أرض المعركة كبر وكبر معه المسلمون ثم قال : أول القتال المطاردة ثم المراماة . وقد استخدم الفرس في هذا اليوم سلاحهم الفتاك الفيلة وقد رأى ما كان صنعه المسلمون بالفيلة في اليوم الأول بتحطيم توابيتها فقاموا بوضع فرسان لحمايتها وبدأ القتال في يوم عماس بقتال شديد من أوله إلى آخره وبعث يزدجرد بالنجدات والمدد إلى الفرس بالقادسية وكان القتال سجالا بين الطرفين وأحسن الفرس توجيه ما معهم من فيلة فهاجمت المسلمين وفتكت بهم وفرقت جموعهم فراى قائد المسلمين (سعد بن أبي وقاص) ما تفعله الفيلة بصفوف المسلمين فاستشار بعض الفرس الذين كانوا قد أسلموا وانضموا إلى جيوش المسلمين عن أفضل وسيلة لكسر شوكت هذه الفيلة فقالوا له المشافر والعيون لاينتفع بها بعدهما . فجال (سعد) ببصره يمنة ويسرة للبحث على من يحسن القيام بهذه المهم فوقع اختياره على (القعقاع) وأخيه (عاصم) فأرسل إليهما أكفياني الفيل الأبيض وكانت الفيلة التي حوله تألفه وكان قريبا منهما وأرسل إلى (حمال بن مالك) و (الربيل بن عمرو) أكفياني الفيل الأجرب وكانت الفيلة التي حوله تألفه فتقدم البطلان (القعقاع) وأخوه (عاصم) فوضعوا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض في وقت واحد بعد أن أوعزا إلى بعض فرسان الكتيبة بمشاغلة ومزاحمة حراسه حتى يزيدوا من حيرة الفيل واضطرابه فانتفض الفيل وسل (القعقاع) سيفه وضرب خرطومه فقطعه فوقع الفيل على جنبه وسقط من كان في الصندوق فوقه فقتلتهم كتيبة (القعقاع) و (عاصم) ونفس الذي فعلوه فعله (حمال) و (الربيل) بالفيل الأجرب وبذهاب الفيلة من أرض المعركة صارت المواجهة بين المسلمين والفرس شديدة واستمر القتال بين الطرفين حتى المساء واستخدم المسلمون حيلة الإبل المبرقعة لإخافة خيل الفرس مرة أخرى وظهرت الغلبة للمسلمين في ذلك اليوم وقال : (القعقاع) في هذا أبياتا يشيد فيها بدوره وقومه بني تميم من بطولات مشهودة :
هذه الأبيات :
حضض قومي مضرحي بْن يعمر
فلله قومي حين هزوا العواليا
وما خام عنها يوم سارت جموعنا
لأهل قديس يمنعون المواليا
فإن كنت قاتلت العدو فللته
فإني لألقى في الحروب الدواهيا
فيولا أراها كالبيوت مغيرة
أسمل أعيانا لها ومآقيا
❖ ليلة الهرير :
اليلة التي اتصلت بيوم عماس وبدأ فيها المسلمون والفرس بالتراشق بالسهام فجاء سهم من جهة الفرس وأصاب (خالد بن يعمر التميمي) فغضب لذلك (القعقاع) وحمل على الفرس ولم يستأذن من سعد وهو يقول :
هذه الأبيات :
سَقَى اللَّهُ يَا خَوْصَاءُ قَبْرَ ابْنِ يَعْمُرٍ
إِذَا ارْتَحَلَ السُّفَارُ لَمْ يَتَرَحَّلِ
سَقَى اللَّهُ أَرْضًا حَلَّهَا قَبْرُ خَالِدٍ
ذَهَابَ غَوَادٍ مُدْجِنَاتٍ تُجَلْجِلِ
فَأَقْسَمْتُ لا يَنْفَكُّ سَيْفِي يَحُسُّهُمْ
فَإِنْ زَحَلَ الأَقْوَامُ لَمْ أَتَزَحَّلِ
فعندما علم (سعد) قال اللَّهُمَّ : اغْفِرْهَا لَهُ وَانْصُرْهُ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ إِذْ لَمْ يَسْتَأْذِنِّي . وأمر (سعد) المسلمين بالزحف عند سماع التكبيرة الثالثة ولكن المسلمين لم ينتظروا إلى التكبيرة الثالثة فبعد سماعهم التكبيرة الأولى زحفت قبيلة بني أسد ثم النخع ثم بجيلة ثم كندة والرحى تدور على (القعقاع) ومن معه واشد القتال بين الفرقين طوال الليل فكان لايسمع سوى صليل السيوف وانقطعت الأصوات والأخبار عند (سعد) وهو ما أقلقه فدعا الله أن ينزل نصره على المسلمين وكان متشوقا إلى خبر مايحدث في المعركة فإذا به يسمع صوت (القعقاع) وهو يقول :
هذه الأبيات :
نحن قتلنا معشرا وزئدا
اربعه وخمسه وواحدا
يحسب فوق اللبد الأساودا
حتى إذا ماتوا دعوت جاهدا
واستدل به (سعد) على الفتح وغلبة المسلمين وكان الهجوم الليلي الذي قام به (القعقاع) ومن معه هو الأول من نوعه ولم تعرف الجيوش الإسلامية ولا العرب في ذلك الوقت مثل هذا الهجوم وكان لهذا الهجوم أثر كبير في ترجيح كفة المسلمين ويرى بعض المؤرخين أن هذا الهجوم هو الذي حدد مصير المعركة.
ملاحظة البقية بالجزء الثاني .
المرجع :
موقع يوكيبيديا .
نسخة PDF
للقراءة والمشاركة : اضغط هنا