علماء قبيلة بني تميم
بدأت في الجزيرة العربية الصحوة الدينية التصحيحية على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب وذريته الذين حملوا اللواء بعد ذلك ، الدعوة التي لازال أثرها إلى يومنا الحاضر والتي شملت جميع أنحاء نجد والجزيرة وامتدت إلى العالم بأسره .
هذا الملخص يتضمن سيرة الأمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب التميمي) رحمه الله .
أولا : الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب التميمي .
الميلاد :
1115 هـ بلدة العيينة .
نسبه :
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
فيقال : ( المشرفي ) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف ، ويقال : ( الوهبي ) نسبة إلى جده وهيب جد الوهبة ، والوهبة يجتمعون في محمد بن علوي بن وهيب ، و هم بطن كبير من حنظلة ، و حنظلة بيت من بيوت بني تميم الأربعة الكبار ، ويقال : ( التميمي ) نسبة إلى تميم أبي القبيلة الشهيرة .
ســيرته :
تعلم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين ، و كان حاد الفهم وقّاد الذهن ذكي القلب سريع الحفظ ، قرأ على أبيه في الفقه ، وكان رحمه الله في صغره كثيرالمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام ، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه ، و جد في طلب العلم وأدرك وهو في سن مبكرة حظاً وافراً منالعلم ، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول : لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام .
وهكذا نشأ الشيخ محمد بن عبدالوهاب نشأة علمية ؛ فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته ، ومكتبة جده العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم ، و كان يجالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم ، و بيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم وخواص الفقهاء سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي ، ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
.. رحلة الشيخ وطلبه للعلم ..
هنا توجه الشيخ للرحلة في طلب العلم ؛ للتسلح بسلاح ماض قاطع ؛ فإن إنكار الشيخ لهذه الأمورالشائعة جعلته في مواجهة مع علماء السوء وتلبيساتهم وشبهاتهم ، وتأليب العامة عليه ، وتهتمهم إياه بالانحراف والجهل ، فكان كل ذلك يزيد من حرصه على تحصيل العلم وإدراك الحق ؛ فلابد أن يرحل في طلب العلم وتحقيق ماشرح الله له صدره من حقيقة هذا الدين القيم .
رحل الشيخ إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة ، طلباً للعلم .. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام وعاد إلى نجد يدعوهم إلى التوحيد ، ولم يثبت أن الشيخ رحمه الله قد تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم ، أما ما تجاوز الحد من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام ، وإلى فارس وإيران و قم وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم المعروفة بالأخطاء و مجانبة الحقيقة ، فهذه الأشياء غير مقبولة ؛ لأن حفيدالشيخ ابن حسن وابنه عبد اللطيف بن ابن بشر نصوا على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام ، أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس و غيرها منالبلاد ، فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول ، قال علامة الجزيرة حمد الجاسر : ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن الشيخ محمد رحمه الله انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب ، .. إلى أن قال : وهذاالكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.. وبالإجمال ؛ فقد حرص مترجمو الشيخ محمد على تدوين كل مايتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم ، وبذكرالبلاد التي زارها ، ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب من ذلك .
بعد مضي سنوات على رحلة الشيخ رحمه الله في طلب العلم ، عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين عليها أمير جديد يلقب بخرفاش بن معمر والذي لم يرق له بقاء الشيخ عبد الوهاب في القضاء ، فعزله عنه ، فغادرها الشيخ عبد الوهاب إلى حريملاء وتولى قضاءها وأقام بها فأقام الشيخ محمد بعد عودته من رحلته العلمية في حريملاء مع أبيه يدرس عليه ويدعو إلى التوحيد و يبين بطلان دعوة غير الله .
لقد ابتلي الشيخ رحمه الله .. فصبرعلى البلاء و ثبت حتى جاوز الامتحان والابتلاء ، و ما ذلك إلاتأييد الله له بروح منه وتقويته لإيمانه .. وأمثلة ذلك في حياته كثيرة ، و لنأخذ مثلاً من أحوال الشيخ التي وقعت له ؛ ففي حالة إخراجه من العيينة طريداً منها كان سبب إخراجه رحمه الله من العيينة هو أن ابن معمر خاف من حاكم الإحساء من أن يقطع عنه المعونة ، فأخرج الشيخ رحمه الله من العيينة وتوجه إلى الدرعية ، قد افتقد كل حظ من حظوظه الدنيوية المباحة ؛ افتقد ثقة الأمير وثقة الناس من حوله به وبما يدعو إليه من عقيد السلف الصالح ، وافتقد المسكن و المكانة وجميع الحظوظ النفسية والغايات الدنيوية ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل ، لكن كان على ثقة من ربه ، والله قد قوي إيمانه حتى صغر في ميزانه أمر صاحب الأحساء وخذلان ابن معمر له وفراق الوطن والمال والأهل والزوجة والمسكن وما بقي لديه سوى الإيمان القوي بصحة عقيدة السلف الصالح ، و حسن الظن بالله .. لقد سار من العيينة إلى الدرعية يمشي راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقوله تعالى { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَايَحْتَسِبُ } و يلهج بالتسبيح .. فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني ، فلما دخل عليه ؛ ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود ، فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال : سيجعل الله لناولك فرجاً و مخرجاً .
ثم انتقل الشيخ إلى دار تلميذ الشيخ ابن سويلم الشيخ أحمد بن سويلم ، و هناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما علموا بثبات دعوة الشيخ و أنها على سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته ، فهابوه ، فأتوا إلى زوجته موضي بنت أبي وهطان من آل كثير و أخيه ثنيان .. وكانت المرأة ذات عقل ودين ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به وينهى عنه ، فوقر في قلوبهما معرفة التوحيد وقف الله في قلوبهما محبة الشيخ ، دخل محمد بن سعود على زوجته فأخبرته بمكان الشيخ وقالت له هذاالرجل ساقه الله إليك و هو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به ، فقبل قولها ثم دخل على أخوه ثنيان وأخوه مشاري وأشاروا عليه مساعدته ونصرته .. أراد أن يرسل إليه ، فقالوا: سر إليه برجلك في مكانه وأظهرتعظيمه والاحتفال به ، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه ، فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ و رحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده .. قال : أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة ، فقال الشيخ : وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إليه إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ؛ ملك بها البلاد والعباد ، وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعض ؛ فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك .
و هكذا تم اللقاء التاريخي وحصلت البيعة المباركة على ذلك .. و أخذالشيخ رحمه الله بالدعوة والجهاد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله ..
أما عن عقيدة الشيخ رحمه الله فهي عقيدة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .. عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان .. عقيدة أئمة الهدى .. أبي حنيفة والشافعي و مالك وأحمد وابن عيينة والثوري وابن المبارك والبخاري وسلم وأبي داود وسائر أصحاب السنن وأهل الفقه وأثر رحمهم الله ..
مؤلفاتهـ ..
أما عن مؤلفات الشيخ فهي كثيرة جداً نذكر بعضاً منها ..
قام الشيخ رحمه الله تعالى بتأليف عدد من الكتب والرسائل المهمة ، وقد امتازت مؤلفات الشيخ رحمه الله بالأسلوب القرآني المحض و أدلته كلها مأخوذة من القرآن والسنة ، وذو أسلوب واضح لا يوجد فيه أي تعقيد ، إلا أن اللغة ليست عالية جداًكما نشاهدها عند ابن تيمية (ت728 هـ ) وابن القيم (ت 756 هـ) .
و قد عرفنا من مؤلفات الشيخ الكتب التالية:
1- كتاب التوحيد: و هذه الرسالة هي من أشهر مؤلفاته ، و الاسم الكامل هذا الكتاب هو : كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، و ذكر فيه الشيخ حقيقة التوحيد و حدوده ، و الشرك ومفاسده .
2- كتاب كشف الشبهات: ونستطيع أن نسميه تكملة لكتاب التوحيد ، والحقيقة أن جميع كتب الشيخ تتعلق بالتوحيد و يمكن أن يقال أنها كلها تكملة لكتاب التوحيد .
3- كتاب الأصول الثلاثة: و هي معرفة الرب ، و معرفة دين الإسلام ، ومعرفة الرسول ، و هذه هي الأصول الثلاثة التي وضحت في هذه الرسالة في أسلوب جذاب .
4- كتاب شروط الصلاة و أركانها: وقد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة وهي : الإسلام ، والعقل ، التميز ، رفع الحدث و إزالة النجاسة، و ستر العورة و دخول الوقت واستقبال القبلة ، والنية ، و ذكرت أركان الصلاة و واجباتها .
5- كتاب القواعد الأربع: حيث ذكر في هذه الرسالة بعض نواحي التوحيد على طريقة مؤثرة و سهلة.
6- كتاب أصول الإيمان: و بين أبواب مختلفة من الإيمان بالأحاديث ، ويظهر من عبارة في البداية ، أن بعض أولاد الشيخ قد أضاف إليها ، ونصها : و قد زا دفيه بعض أولاده زيادة حسنة .
7- كتاب فضل الإسلام.
8- كتاب الكبائر.
9- كتاب نصيحة المسلمين.
11- كتاب تفسير الفاتحة.
12- كتاب مسائل الجاهلية.
13- كتاب تفسير الشهادة.
14- كتاب تفسير لبعض سورالقرآن.
15- كتاب السيرة.
16- الهدي النبوي.
و للشيخ عدة رسائل صغيرة أخرى غير ما ذكرنا .
.. وفاته ..
في عام ست ومئتين وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم (1206 هـ ) توفي الشيخ محمد بنعبد الوهاب رحمه الله ، قال ابن غنام في الروضة (2/154 ) : كان ابتداء المرض به في شوال ، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر .
وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية (12/20 ) ، أما ابن بشر فيقول : كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة . عنوان المجد(1/95 ) . وقول ابن غنام أرجح ؛ لتقدمه في الزمن على ابن بشر ومعاصرته للشيخ وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه .
وكان للشيخ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة ، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ، فلم يوزع بين ورثته مال ولم يقسم .
المرجع : موقع النسابون العرب
الكاتب الناصري التميمي
2 – علماء نجد خلال ثمان قرون – لفضيلة الشيخ عبد الله بن بسام التميمي – رحمه الله
نسخة PDF
للقراءة والمشاركة : اضغط هنا
التعليقات 2
2 pings
عبدالله بن عبدالرحمن آل عتيـِّق
15/10/2021 في 7:00 م[3] رابط التعليق
ومن العلماء والدي الشيخ/ عبدالرحمن بن عبدالكريم بن محمد آل عتيـِّق .. وهو يُعتبر من قدماء خريجي جامعة الطائف والتي كانت تُسمىٰ ( دار التوحيد ) فهو وثلة من زملائه من الأوائل القلة القليلة من خريجي الجامعة وأبناؤه كلهم من مواليد الطائف بما فيهم كاتب هذه الأسطر.. من زملائه صالح الزغيبي حيث استقر في عنيزه وهو من الأشراف وقد وفد على والدي في بيته بالمذنب وكان لقاءاً حميمياًّ حيوياًّ وحاراًّ ومعه رفيقة الدرب وكنا في ذلك ناهزنا الحلم لا تحتجب النساء عنا كثيراً والشيخ الخريِّف من حريملاء وغيرهم كثير رخمهم الله وبارك الله بالخلف بعد السلف، وله أي والدي مسجدٌ قُبالةَ بيته يأتيه طلاب العلم في المذنب ليستزيدوا من علمه ووقاره،
توفي عام ١٤١٨ رحمه الله
عبدالله بن عبدالرحمن آل عتيـِّق
15/10/2021 في 7:08 م[3] رابط التعليق
يتبع
وقد تَنَقَّل بين مكة والطائف في دراسته الجامعية حيث التحق مدرسة دار التوحيد ثم بعد ذلك جامعة أم القرى؟
ثم قام بالتدريس في بريدة حيث تبعد ٧٠ كم عن مدينة المذنب قبل أن يستقر في محافظة المذنب علماً أن أكثر النواصر كانوا في الوشم وما حولها ( أقصد من سكن المذنب من النواصر )