---

(ملحمة نجد الكبرى)

معركة بني تميم مع جموع الترك ومن معهم من أعراب البادية والحاضرة في نجد…

وهي معركة الحلوة, التي يسميها بنو تميم في حوطة بني تميم وفي الحلوة (معركة الروم) والتي وصفها ابن بشر في تاريخه بأنها (ملحمة نجد الكبرى) التي أذلت الترك وكسرت شوكتهم وأضعفت نفوذهم وقوتهم في نجد..

فبعد وصول الجيش التركي لحدود “وادي الفرع” استعد له الأشاوس الأبطال من بني تميم أهل بَلدتَي “حوطة بني تميم” و “الحلوة” فرسان عشيرة آل هميلان (آل حماد وآل مرشد) من آل حديثة من آل مانع من بني العنبر بن عمرو تميم ومن معهم من بني تميم وغيرهم…

وكانت كما وصفها المؤرخون من الجانبين النجدي والتركي: معركة بل ملحمة عنيفة شرسة حامية الوطيس ضاق فيها الفضاء وأظلم النهار واشتد الكر والفر وتصاول الفرسان وعلا الصياح وكثر القتل واستمرت 8 ساعات استبسل فيها أشاوس بني تميم أيما استبسال؛ واستحر القتل في الجيش الغازي فأبيد أكثر من ثلثي جيش الأتراك الغزاة ومن معهم.. وفاز بنو تميم بالنصر المؤزر.. وقتل من بني تميم مايقارب ال500 فارس..

وكانت معركة مهولة مروعة كما وصفها المؤرخون تحطمت فيها السيوف وتكسرت فيها الرماح وأمطرت السماء بوابل من القذائف والرصاص.. وكان يوماً من أيام العرب مهولاً .. 

هاجم فيه بنو تميم المدافع التركية مستميتين، فدمروها، وازاحوا الجيوش التركية ومن معهم من العرب عن مواقعهم حتى انكشفوا ودبت فيهم الهزيمة فانقلب بعضهم على بعض وانهزموا لايلوي أحد منهم على أحد وبنو تميم في آثارهم يقتلون ويأسرون حتى وصلت هزيمتهم بلدة “الدلم” من بلدان الخرج.. 

وكان بنو تميم أهل حوطة بني تميم بقيادة الأمير إبراهيم بن عبدالله آل حسين التميمي الملقب “هداد” وبنو تميم اهل الحلوة بقيادة الامير محمد بن خريف التميمي..

وكان بنو تميم قد أحرزوا النساء والأطفال جميعا في وادي “مُطعم” من وديان بلدة الحلوة وهو واد كثير الشجر وفيه مقار الماء ويتميز بوعورة وصعوبة مداخله وطبيعته الجغرافية.. بحيث يؤمن فيه بعد تأمين الله على الأعراض دون الوصول لهم، ووضعوا عندهم حامية من أبطال بني تميم…

وكانت المعركة في ١٥/ ٤/ ١٢٥٣هـ، وانتهت بانتصار مدوي لبني تميم وهزيمة ومقتلة عظيمة في الجيش التركى ومن معهم من الأعراب وأهل القرى، وغنم بنو تميم الكثير الكثير من السلاح والعتاد والخيل والإبل والمدافع التي ما زالت باقية إلى يومنا هذا في بلدة الحلوة لتسطر في جبين التاريخ شجاعة وعظمة أبطال بني تميم ومخلدة بطولات فرسانهم للأجيال القادمة…

ولما وصل خبر هذا النصر المجلجل الى الإمام فيصل بن تركي آل سعود، وكان قد انحاز بأهله وأعوانه عن الأتراك إلى الأحساء… فقال قصيدته المشهورة يمدح بني تميم أهل بلدان وادي الفرع “حوطة بني تميم” و “الحلوة” وواصفا أثر المعركة -التي حطمت طموح الاتراك- عليه شخصياً والحال التي كان عليها هو ومن كان معه قبل المعركة، وكيف خذله وخانه مع الأتراك أكثر من حوله ومن عمتهم نعمته.. ثم كيف حاله تبدلت بعد هذه المعركة الفاصلة إلى الأفضل وتهلهل النصر بعدها حامداً الله حيث قال:

الحمـدلله جـت علـى حسـن الأوفــاق

وتـبـدلـت حـــال الـعـســر بالتـيـاسـيـر

جتـنـا مـــن المـعـبـود قـســام الارزاق

رغــمٍ عـلـى الحـسـاد هــم والطوابـيـر

هبت هبوب النصـر مـن سبـع الأطبـاق

لـلــديــن عــــــزٍ ونــقــمــة لـلـخـنـازيــر

زان الـكـلام ودن لـــي بـعــض الأوراق

اكـتـب ثـنـاء لله عـلــى حـســن تـدبـيـر

مـن مـاي عينـي حيـن مـا دمعـهـا راق

قــــام يـتـزايــد حــــر وجــــده بـتـزفـيـر

مـن عظـم خطـبٍ بَـيّـن الـبـار والـعـاق

ومـن لابـةٍ عرفـت مـن فـيـه لــي خـيـر

مفهـوم قلبـي للرعابـيـب مــا اشـتـاق

ايــضـــا ولاهــمـــي بجــمـــع الـدنـانـيــر

لكـن مــن قــومٍ عليـهـا الــردى ســاق

عـقـب الجمـايـل انـكــروا نـيــة الـخـيـر

ماكـولـهـم عـنــدي عنـاقـيـد واشـنــاق

ومـشـروبـهـم در الـبــكــار الـخــواويــر

ملبوسهـم مــن طـيـب الـجـوخ مــالاق

ونـقـلـتــهــم بــمــصــقــلات بــواتـــيـــر

مركوبـهـم عـنــدي طـويــلات الاعـنــاق

من الخيل هـي واليعمـلات المصاطيـر

قصـري لهـم عـن لافـح البـرد مشـراق

وفي القيظ ظل مـن سمـوم الهواجيـر

كنـي لـهـم أبــوٍ مــن الأهــل مشـفـاق

وهـــم عـيــال لـــي صـغــار مـقـاصـيـر

مـانـيب باغيـهـم الــى التـفـت الـسـاق

ياقـونـنـي مــــن حــادثــات الـمـقـاديـر

لكـنـي باغيـهـم الــى خـاطـري ضــاق

نخيـتـهـم جــونــي حــفــاة مـشـاهـيـر

بــــاروا بـحـقــي ذا تـنــكــر وذا بـــــاق

وذا قاعـدٍ عـنـي ولا لــه معـاذيـر

وذا تبيـن فـي الـردى فـوق مــا طــاق

وذا تــبــيــن بـالـحـكــايــا الـخـمـاكــيــر

وانــا احـمـد الله بالعقـوبـة لـهـم عــاق

وانــزل بـهـم بـاسـه سـريـع لـهـم زيـــر

واطلب من اللي لـه يصلـون الاشـراق

والـلـي تسـطـر بالقراطـيـس تسطـيـر

عسى يشوفوني على حسن الاوفاق

بـيــومٍ اذكـرهــم بــمــا صــــار تـذكـيــر

وانظـر مجالسهـم معـا ذيـك الاسـواق

يـجـي بـوجـهٍ طـالـب العـفـو يـــا مـيــر

أحدٍ أصافي لـه علـى الصفـح واعتـاق

واحـــدٍ أصـافــي لـــه بـحــد الـبـواتـيـر

قولوا (لخيـر الله) تـرى المكـر بـه حـاق

واخـوانـه الـلـي انـكــروا شـــر تنـكـيـر

جتكـم عبيـد الله تقافـى عـلـى ســاق

اخـتـصــهــم والله عــلــيــه الـتـدابــيــر

و(زويــدٍ) عــده عــلــى الأثــــر لــحـــاق

بعـوص النضـا ومعسكـرات المساميـر

اقــــول ذا قــولــي وبــالـــرب وثـــــاق

أمـــدح رجـــالٍ مــــن تـمـيــمٍ مـنـاعـيـر

حاموا على الملة وقامـوا علـى سـاق

دون الـمـحـارم والــغــروس المـبـاكـيـر

حـنـا حميـنـا نـجـد عــن كـــل فـســاق

مــن حـمـر مـصـرٍ والنـفـوس المناكـيـر

واليـوم نجازيهـم عـلـى حـسـن الاخــلاق

فـيـنــا وفـيـهــم لــــه مــقــالٍ وتـدبـيــر

أول نـراسـلــهــم بـتـسـجـيــل واوراق

والـيـوم بـاطـراف الـرمــاح السمـاهـيـر

وخــلاف ذا يــا راكـــبٍ فـــوق سـبــاق

هـمــلــيــعٍ مـــربــــاه دار الـمـنـاصــيــر

بشـر هـل العـارض تـرى حظهـم بــاق

وحمـيـرهـم حـالــت علـيـهـا المـقـاديـر

مـابـيـن حـَـصـّـانٍ ومــــا بــيــن تــفــاق

راحـــت فـــوات بـيــن ذيـــك الدعـاثـيـر

نـاروا مــع الصـفـرة نشيفـيـن الاريــاق

ولا لـقــوا عـن نـقـمـة الله مـصـاديـر

صــم الـرزايــا ســـاق ساقٍ عـلــى ســاق

مـتـحــدرٍ سـيـلــه وجــولــه مـحــاديــر

يــا ضبـعـةٍ بالـخـرج مــن كــل فـسـاق

إكـلـي ونـــادي كـــل عـــوج المنـاقـيـر

ضفتي هل العارض وعشوك باشناق

واهل “الفرع” عشـوك روس الطوابـيـر

كــلــه لـعـيـنـا دعــــوة الله بـلالـحــاق

وغــرايــسٍ خــضــرٍ وبــيــضٍ غـنـاديــر

وصــلاة ربـــي بالعـشـيـة والاشـــراق

عـلـى النـبـي مظـهـر الـحــق تظـهـيـر

.

.